شائع

قصة أصحاب الأخدود .. من القرآن الكريم

–كان هناك ملك يدعي:" بذي نواس "و هو ملك من ملوك بلاد اليمن. و كان قد اعتنق الدين اليهودي و كان له ساحر شرير يرافقه في كل مكان و يزين له الظلم و الشر و الأذى و عظم له نفسه حتى ادعى  الربوبية من دون الله تعالى!

–و مع مرور الوقت أصبح الساحر عجوزاً و بدأ يفكر بأنه يرغب في تعليم أحد أصغر منه سناً السحر حتى إذا مات يكون له تلميذ يقوم بعمله من السحر ، فأعطاه الملك غلاماً لكي يعلمه السحر و فرح الساحر الكهل بالغلام لأنه كان غلاماً ذكياً و سريع التعلم و ينتبه لكل شيء يقوله الساحر الكبير إليه .

–وذات يوم كان الغلام ذاهبا إلي الساحر ، فقابله راهب في يجلس في معبده يعبد الله الواحد الأحد وليس علي دين الملك الظالم ، فجلس معه  الغلام وتحدث معه وأعجبه كلامه وعلمه الغزير..  وأصبح كل يوم يمر عليه قبل الذهاب للساحر .

–فكان يتأخر عن موعد وصوله للساحر فيضربه ، وبالتالي يتأخر عن موع وصوله إلي أهله فضربوه ..  فشكا [ ذلك ] إلى الراهب ، فقال : إذا [ جئت ] الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا [ جئت ] أهلك فقل : حبسني الساحر ،  

–واستمر الغلام في السماع إلى حديث الراهب يوماً بعد يوم حتي أحب حديثه وعلمه، و استمر الغلام يتعلم من الراهب و من الساحر ولكن  بفطرته السليمة .. كان قلبه و عقله يميلان إلى كلام و علم الراهب أكثر من الساحر .. فاحتار الغلام ماذا يفعل..؟!

 الغلام يستخير الله في أمره

–وفي ذات يوم ، خرجت دآبة عظيمة قطعت على الناس طريقهم وحبستهم و لم يستطع أحد إبعادها لخوفهم منها، حينها قال الغلام في نفسه: اليوم سأعرف الساحر أفضل عند الله أم الراهب، فأخذ حجرا ثم "قال اللهم : إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة بهذا الحجر " و همَّ الغلام بإلقاء الحجر فسقطت الدابة مقتولة

–ومضى الناس ، وحينئذ أيقن الغلام" أن الراهب على حق" فأسرع إليه و حكى له ما حدث من أمر الدابة، فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وأنت سيكون لك شأنٌ عظيمٌ .. و ستبتلى ابتلاءاً شديداً فإن ابتليت [ فاصبر ] ،  ولا تدل علي أحد ..    

الغلام ووزير الملك

–ومنذ هذا الوقت، تعلم الغلام من الراهب كثيرا من العلم  وأخذ يداوي الناس ويشفيهم من أمراضهم بإذن الله  ويدعوهم للإيمان بالله وحده لأنه هو الذي يشفيهم  ..فكانوا يسمعون كلامه و يؤمنون بالله و يدخلوا دين الغلام .

–وصار العدد يزداد مع مرور الوقت كثيراً حتى مرض وزير الملك ذي نواس وكان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال : "هذه الهدايا لك إن أنت شفيتني" ، قال : إني لا أشفي أحدا ، إنما يشفي الله ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله لك فشفاك ، فآمن بالله .. فدعا الله له فشفاه الله عز وجل .

فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس ، فقال له الملك : من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي - عز وجل - ، قال أولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك الله ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام ، فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ به الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل ، قال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب .

–وجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى الراهب [ فدعا بالمنشار] فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع [شقاه] ثم جيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام وقام بتعذيبه؛ حتى يرجع عن دينه فأبى الغلام .

فأمر الملك جنوده أن يأخذوه فوق ذروة الجبل فإما أن يرجع عن دينه وإلا فليطرحوه .. فدعا الغلام ربه فقال: "اللهم اكفنيهم بما شئت" فاهتز بهم الجبل فسقطوا في أسفله  فكفاه الله شرهم؛  فجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : أين الجنود ؟ فقال : كفانيهم الله .

أمر الملك جنوده أن يأخذوا الغلام في سفينة إلى البحر ثم يلقون به في عرضه، فدعا الغلام ربه “اللهم اكفنيهم بما شئت” فاستجاب الله دعاءه؛ حيث انقلبت السفينة وغرق كل أتباع الملك وخرج الغلام سالماً من بينهم ، فجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : أين الجنود ؟ قال: كفانيهم الله 

 –ولقد هدى الله تعالى الغلام إلى طريقة لتجعل الناس يدخلون في دين الله و يتركوا إيمانهم بهذا الملك الكافر الظالم فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال الملك: وما هو ؟ قال الغلام: تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع ثم تأخذ سهما من سهامي وقل :[بسم الله رب الغلام ] ثم ارمني به فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني .

 –وافق الملك الكافر و أمر جنوده بجمع الناس إلى ساحة المدينة ثم قاموا بصلب الغلام إلى الشجرة و أعطوا سهام الغلام إلى الملك ذي نواس ، حضر الملك الظالم وكان معه سهام الغلام، وقام بإطلاق السهام دون أن يقول بسم الله رب الغلام فلم يستطع قتله، وضاع هدفه ثم أعادها مرة أخرى و فشل.

–فقال له الغلام: لن تستطيع قتلي إلا إذا أنت قلت [بسم الله رب الغلام ] غضب الملك كثيرًا وقام بتصويب السهم تجاه قلب الغلام و قال الملك مصرخاً [ بسم الله رب الغلام ] فوقع السهم في قلب الغلام و سقط شهيداً .. 

–حينها صاح الناس جميعًا قد آمنا برب الغلام .. قد آمنا برب الغلام ، صرخ الملك فيهم غاضباً و لكن لم يهتموا بأمره وظلوا يرددوا [كلمة آمنا بالله وحده لا شريك له] .. فغضب جنود الملك وأتوا الملك وقالوا له: لقد وقع ما كنا تحذر منه  [ لقد آمن الناس جميعا برب الغلام ] .. فاغتاظ الملك الكافر كثيراً و أمر جنوده بحفر الأخاديد .

–الأخدود؟ وهو الحفرة العظيمة المستطيلة فى الأرض، كالخندق أشعلها جنود الملك بالحطب وأوقدوا عليها النيران. 

بالفعل حفر جنود الملك الأخاديد حول المدينة وتم إشعال النيران فيها حتي تكون -كالوقود- فكانوا يسألونهم قبل إلقاءهم في النار من ربك ؟! فإن قال"ربي الله" ألقوه في النار ليتم حرقه ، ومن تراجع عن قولها نجا من النار ، وهنا ثبت الله قلوب عباده المؤمنين ، ووقفوا أمام هذا الابتلاء بشجاعة وقوة إيمان فما تراجعوا ، ولا اهتزوا بكلام الملك الظالم وثبتوا على كلمة الإيمان .

–ألقي جنود الملك الظالم المؤمنين في النيران واحترقوا (شهداء لله) وقد جاء الدور على امرأة تحمل رضيعها فخافت على طفلها ونفسها حتى أنطق الله رضيعها فقال لها: (اصبري يا أماه فأنتِ على حق) حينها ثبتت الأم وعرفت أن نجاتها مع الله الذي أنطق رضيعها ..وماتت الأم ورضيعها شهداء عند الله سبحانه و تعالى.

عقاب أصحاب الأخدود 

–أقسم الله عز وجل في سورة البروج  بثلاث:- ( وحق السماء ذات البروج ، وحق اليوم الموعود ، وحق الشاهد والمشهود ) بأن حق المؤمنين لن يضيع عند المولي عز وجل 

–( قتل أصحاب الأخدود ): الذين شَقُّوا في الأرض شقًا عظيمًا؛ وأوقدوا النار الشديدة ذات الوَقود لتعذيب  المؤمنين، فقد لعنوا وطردوا من رحمة الله في الدنيا، وفي الآخرة لهم عذاب نار جهنم ولهم عذاب الحريق .

– أما ( شهداء الأخدود ) : فقد وعدهم الله بأن لهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار .. وهذا هو الفوز العظيم . 

♦♦♦♦♦

قصة "أصحاب الأخدود"من القرآن الكريم في " سورة البروج "

بسم الله الرحمن الرحيم 

وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) .

تفسير سورة البروج

والسماء ذات البروج : أقسم الله تعالى بالسماء ذات المنازل التي تمر بها الشمس والقمر,

– واليوم الموعود : وبيوم القيامة الذي وعد الله الخلق أن يجمعهم فيه,

–وشاهد ومشهود : وشاهد يشهد, ومشهود يشهد عليه.

ويقسم الله- سبحانه- بما يشاء من مخلوقاته, أما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله, فإن القسم بغير الله شرك.

– قتل أصحاب الأخدود هلك وعذب ولعن الذين شقوا في الأرض شقا عظيما, لتعذيب المؤمنين,

– النار ذات الوقود : وأوقدوا النار الشديدة ذات الوقود,

– إذ هم عليها قعود : إذ هم قعود على الأخدود ملازمون له,

–وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود : وهم على ما يفعلون بالمؤمنين من تنكيل وتعذيب حضور

–وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد : وما أخذوهم بمثل هذا العقاب الشديد إلا أن كانوا مؤمنين بالله العزيز الذي لا يغالب, الحميد في أقواله وأفعاله وأوصافه,

– الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد : الله له ملك السموات والأرض, وهو- سبحانه- على كل شيء شهيد, لا يخفى عليه شيء.

– إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق : إن الذين حرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار. ليصرفوهم عن دين الله, ثم لم يتوبها, فلهم في الآخرة عذاب جهنم, ولهم العذاب الشديد المحرق.

– إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير : إن الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحات, لهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار, ذلك الفوز العظيم.

– إن بطش ربك لشديد : إن انتقام ربك من أعدائه وعذابه لهم لعظيم شديد.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-